18.09.08
أسئلة وأجوبة - الجزء الأول | DR120001

إسلاميات دوت كوم أسئلة وأجوبة

Share |

مشاهدات 31481

تعليقات 0

+ ما علاقة قصة رفع الحية في البرية بالمسيح؟
- وردت إشارة عن الحيّة التي رفعها موسى النبي في البرية في يوحنا 3:14 و15. "وكما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3:14 و15). وما ورد في إنجيل يوحنا عن الحية التي رفعها موسى هي مجرّد إشارة إلى ما ورد في العهد القديم من الكتاب المقدس في سفر العدد أصحاح 21، الذي نلاحظ عندما نقرأه أنه بعد خروج بني إسرائيل من مصر، وفي طريق ارتحالهم من جبل هور إلى أرض أدوم، تذمّر الشعب على الله وعلى موسى النبي الذي كان يسير الشعب بقيادته. وعندما تذمّروا "أرسل الرب على الشعب الحيّات المحرقة، فلدغت الشعب فمات قوم كثيرون من إسرائيل. فأتى الشعب إلى موسى وقالوا: قد أخطأنا إذ تكلمنا على الرب وعليك، فصلّ إلى الرب ليرفع عنا الحيات. فصلى موسى لأجل الشعب، فقال الرب لموسى: اصنع لك حية محرقة وضعها على راية، فكل من لُدع ونظر إليها يحيا. فصنع موسى حية من نحاس ووضعها على الراية، فكان متى لدغت حية إنساناً ونظر إلى حية النحاس يحيا" (عدد 21:6-9).

+ ما علاقة قصة موسى والحية في العهد القديم بعلاقة المسيح بالحية في العهد الجديد؟
ما حدث في العهد القديم كان مجرّد رمز للعهد الجديد. وأشار المسيح نفسه إلى هذه الحادثة ورأى فيها نبوَّة لصلبه. فعندما كان يتكلم مع نيقوديموس، المعلم اليهودي، الذي جاء إليه ليلاً وسأله عن الولادة الجديدة، أشار يسوع إلى هذه الحادثة بقوله: "وكما رفع موسى الحية في البرية، هكذا ينبغي أن يُرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية"(يوحنا 3:14 و15). والتشبيه هو أنه كما رفع موسى الحية النحاسية في برية سيناء، كذلك رفع الله أيضاً المسيح على الصليب في بريّة العالم، فكل من ينظر إلى المسيح المصلوب بإيمان، يُشفى من لدغ الحية التي هي إبليس، أي يشفى من الخطية والموت وينال الحياة الأبدية. لأن المسيح سحق رأس الحية، أي الشيطان. وهذا ما تعنيه الآية المشار إليها أعلاه. وإن مجرد ما ذكر في العهد القديم هو إشارة أو تشبيه لعمل المسيح في العهد الجديد.

+ مَن هو نيقوديموس الذي ورد ذكره في يوحنا 3؟ وماذا قصد المسيح بقوله له: "الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يوحنا 3:3).
يدور هذا السؤال حول موضوع الولادة الجديدة، أو الولادة من فوق كما يسميها الكتاب المقدس. ولهذه الولادة علاقة مباشرة بالإيمان المسيحي وحياة المؤمن. ولكن أعتقد أنه من المناسب ذكر الحادثة قبل الدخول في تفاصيلها ليستنير القارئ بما نحن بصدده.
يذكر الكتاب المقدس عن هذه الحادثة ما يلي: "كان إنسان من الفريسيين اسمه نيقوديموس رئيس اليهود، هذا جاء إلى يسوع ليلاً وقال له: "يا معلم، نعلم أنك قد أتيت من الله معلماً، لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل إن لم يكن الله معه. أجاب يسوع وقال له: الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس: كيف يُمكن للإنسان أن يولد وهو شيخ، ألعلّه يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟ أجاب يسوع: الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يوحنا 3:1-5).
بعد أن قرأنا مقابلة السيد المسيح مع نيقوديموس، يمكننا أن نبدأ الإجابة بأن نيقوديموس حسب ما ورد في الإنجيل المقدس، كان رئيساً لليهود وكان ينتمي إلى جماعة الفريسيين المتعصبة. وبالرجوع إلى قاموس الكتاب المقدس وكتاب تفسير إنجيل يوحنا نلاحظ أن كلمة نيقوديموس اليونانية، تعني المنتصر على الشعب. كان نيقوديموس رئيساً لليهود، أي من القادة العلمانيين غير الإكليريكيين، وكان عضواً في مجلس اليهود والمعروف بمجلس السنهدريم (يوحنا 7:5). ويُعتقد أنه أصبح فيما بعد أحد المؤمنين بالمسيح.

+ هل يمكن معرفة السبب الذي دعا نيقوديموس للذهاب إلى المسيح ليلاً ليتحدث معه؟
كان نيقوديموس رئيساً لليهود، ينتمي إلى جماعة الفريسيين التي كانت تقاوم المسيح وتعاليمه بكل قواها. والمعروف عن هذه الطائفة اليهودية التعصّب الديني الأعمى، والتقيّد بتعاليم وتقاليد العهد القديم، وتمسكهم بقشور الدين دون الجوهر. ويُعتقد أن كون نيقوديموس فريسياً، وأحد أعضاء مجلس السنهدريم، فلابد أن يكون أحد الذين اشتركوا في مقاومة السيد المسيح وتعاليمه، ولكنه بعد أن تأمل تعاليم يسوع التي تحضّ على المحبة والإخاء، والمسامحة والغفران وعدم الاهتمام بالأرضيات، ثم قيامه بعمل المعجزات مثل شفاء المرضى، وإقامة الموتى وفتح عيون العمي، وإقامة المقعدين، تعجب كغيره من اليهود، واندهش بتعاليمه الإلهية وأعماله، فأراد أن يتقابل معه. ولكن يظهر أنه خشي أن يراه أحد. فذهب إلى المسيح ليلاً وقدم له اعترافه بأنه جاء من الله، وأن ما يعمله لا يستطيع أي شخص أن يعمله إن لم يكن الله معه. وهنا نلاحظ أن المسيح لم يجامل نيقوديموس، بل دخل معه في حوار مباشر وقال له: "الحق الحق أقول لك، إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يوحنا 3:3). ولكن عندما سمع نيقوديموس هذه الكلمات، أساء فهمها، فوجّه للمسيح السؤال التالي: "كيف يمكن للإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانية ويولد؟" (يوحنا 3:4)؟

+ ماذا قصد المسيح بقوله: "إن كان أحد لا يولد من فوق، لا يقدر أن يرى ملكوت الله؟
عندما تكلم المسيح عن "الولادة من فوق" أو "الولادة الثانية" لم يقصد مطلقاً الولادة الجسدية، كأن يدخل الإنسان بطن أمه ثانية ويولد. فعبارة "الولادة" هنا لها معنى مجازي أو تصويري، وترمز إلى أمر روحي بعيد كل البعد عن الولادة الجسدية.

+ إلى ماذا يشير هذا المعنى المجازي أو التصويري للولادة الجديدة؟
معنى الولادة من فوق، هو أن يولد الإنسان من الله بقلب جديد وفكر جديد وأهداف جديدة في الحياة، فيصبح وكأنه خُلق من جديد. وهذا يتناسب مع قول داود النبي: "قلباً نقياً اخلُق فيَّ يا الله، وروحاً مستقيماً جدِّد في داخلي" (مزمور 51:10). وبحسب المفهوم المسيحي، فإنه عندما يُخلق في الإنسان قلب نقيّ، وفكر نقيّ، بحسب إرادة الله التي في المسيح يسوع، يصبح الإنسان وكأنه وُلد من جديد.

+ وضحوا لي الولادة الجديدة بطريقة أبسط؟
بحسب العقيدة المسيحية، عندما يؤمن الإنسان بالمسيح الذي جاء ليفدي البشرية من لعنة الخطية، ويتكل عليه ويسير حسب تعاليمه بالإيمان العامل بالمحبة. فإن هذا الإنسان يتغيّر من حال إلى حال. حال ما قبل الإيمان، إلى حال ما بعد الإيمان. وهذا ينعكس طبعاً على حياة الشخص وتتفكيره وأعماله وتصرفاته. فكل ما هو شرّ فيه، ينقلب إلى ما هو عكس ذلك، وبهذا يصبح إنساناً جديداً في المسيح.

+ هل هناك أدلة في الكتاب المقدس تثبت صحة مفهوم التجديد؟
إن ما ذكر آنفاً يتوافق مع ما قاله بولس الرسول في رسالته إلى أهل أفسس، التي يحثّهم فيها أن يعيشوا حسب إيمانهم بالمسيح قائلاً: "فأقول هذا وأشهد في الرب، أن لا تسلكوا فيما بعد كما يسلك سائر الأمم أيضاً ببُطل ذهنهم.. وأما أنتم فلم تتعلموا المسيح هكذا، إن كنتم قد سمعتموه وعُلِّمتم فيه كما هو حق في يسوع، أن تخلعوا من جهة التصرّف السابق الإنسان العتيق الفاسد، بحسب شهوات الغرور، وتتجددوا بروح ذهنكم، وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البرّ وقداسة الحق" (أفسس 4:17-24). وقول بولس الرسول إلى أهل رومية بأن التجديد إنما هو بتجديد الذهن بقوله: "فأطلب إليكم أيها الإخوة برأفة الله، أن تقدّموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة، مرضيّة عند الله عبادتكم العقلية. ولا تشاكلوا هذا الدهر، بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة" (رومية 12:1-2).

+ هل يمكن لنا أن نفهم أن "الولادة من فوق" أو "الولادة الثانية” هي تعبير مجازي أو تصويري، يُقصد به أن ينتقل الإنسان من حال ما قبل الإيمان بالمسيح إلى ما بعد الإيمان، وأنه نتيجةً لهذه الولادة يحصل تغيير في حياة الشخص وتصرفاته، فيصبح وكأنه وُلد ثانية أو وُلد من جديد؟
صحيح، فالولادة من فوق هي أن يعيش الإنسان منقاداً بروح الله، لا أن يعيش بحسب الجسد بل بحسب الروح. ويقول بولس الرسول بهذا الصدد: "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله.. فإننا كنا أولاداً، فإننا ورثة أيضاً، ورثة الله ووارثون مع المسيح" (رومية 8:14 و17). ويقول أيضاً ما يفسر كلمات السيد المسيح لنيقوديموس: ".. اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهي ضد الروح، والروح ضد الجسد، وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون. ولكن إذا انقذتُم بالروح فلستم تحت الناموس. وأعمال الجسد ظاهرة، التي هي زنى، عهارة، نجاسة، دعارة، عبادة الأوثان، سحر، عداوة، خصام، غيرة، سخط، تحزّب، شقاق، بدعة، حسد، قتل، سكر، بَطَر..إن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. وأما ثمر الروح فهو محبة، فرح، سلام، طول أناة، لطف، صلاح، إيمان، وداعة، تعفف" (غلاطية 5:16-23).
أما قصد المسيح بقوله: "الولادة من فوق" فهو الابتعاد عن الشهوات الأرضية والسير مع الله بحسب إرشاد روحه القدوس. وأن يكون المسيح حالاً في الإنسان ومالكاً حياته وكيانه من جميع النواحي.

+ هل في الكتاب المقدس من وُلد مثل هذه الولادة الثانية التي تكلم المسيح عنها؟
إن الذين حصلوا على الولادة الثانية، والوارد ذكرهم في الكتاب المقدس كثيرون. وكل من يؤمن بالمسيح ويحيا حياة الإيمان فقد وُلد ثانية. ولكن أودّ أن أذكر واحداً وهو الرسول بولس، الذي كان يُعرَف قبلاً باسم شاول. فقد كان شاول فريسياً ابن فريسي ومن الفئة المتعصبة، وكان يعمل تهديداً وقتلاً بالمسيحيين، ويجرّ الرجال والنساء إلى السجون والتعذيب لا لشيء، إلاّ لأنهم كانوا مسيحيين. وبعد أن حصلت حادثة اهتدائه العجيبة على طريق دمشق، انقلب انقلاباً كلياً. فبعد أن كان عدواً للمسيح ولجماعته، أصبح من أول المجاهدين في سبيل نشر كلمة الله والدعوة المسيحية. فمثل هذا الشخص وُلد ثانية لأنه أصبح مؤمناً بالمسيح بعد أن كان يعلم على قتل المؤمنين. لقد تغيّرت حياته كلياً بعد إيمانه بالمسيح، وأصبح من أول دعاة المسيحية.

+ كيف يمكن للإنسان أن يولد من فوق حتى تتغير حياته؟
الولادة الثانية أو الولادة من فوق، تتم في حياة الإنسان بواسطة الروح القدس عندما يؤمن بالمسيح المخلص، الذي جاء إلى عالمنا لفداء الخطاة بموته على الصليب. على الإنسان أن يعترف بخطيته ويتوب عنها بصدق وإيمان، ويسير مع المسيح في حياة الإيمان فيحب الله من كل قلبه ويحب قريبه كنفسه "فالولادة من فوق" تشير إلى أن الله هو مصدرها (يعقوب 1:18). والكلمة أي كلمة الله وسيلتها (1بطرس 1:23). والتجديد لا التهذيب هو الأمر الأساسي، والتغيير لا التطور هو الغاية المنشودة.

+ صحيح أن الولادة من فوق أو الولادة الثانية تتمّ بالإيمان بالمسيح المخلص وبواسطة الروح القدس، ولكن ما معنى قول المسيح: "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يوحنا 3:5). وما هي علاقة الماء والروح بالولادة الثانية؟
إن كلمتي الماء والروح هما كلمتان رمزيتان، ولهما علاقة مباشرة بالولادة الثانية، لأنهما تشيران إلى التطهير بالماء والروح. فالماء يشير إلى الغسل وهو التطهير الخارجي، والروح للتطهير الداخلي كما ورد في الكتاب المقدس "بغسل الماء بالكلمة" (أفسس 5:26) وهذا هو رمز المعمودية. الغسل الخارجي يعني غسل الماضي وترك الحياة القديمة، والغسل الداخلي بالروح هو تنقية النفس من كل شرّ، وبناء الحياة الجديدة. فبتطهير الجسد والنفس يولد الإنسان من فوق ولادة جديدة، ويصبح ابناً لله له الرجاء بدخول الملكوت. وأن الولادة من الماء والروح تشير من عمل روح الله في حياة الإنسان ويصبح بواسطتها خليقة جديدة. ويلخص الكتاب المقدس كل ما ورد ذكره بالآية التالية:
"إن كان في المسيح فهو خليقة جديدة، الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديداً" (2كورنثوس 5:17).

+ كيف تُقام الصلاة عند المسيحيين، هل هناك ركعات معنية؟
الأولى: وهي الصلاة الفردية التي يسكب فيها المصلي نفسه أمام الله بالصلاة والدعاء منفرداً لوحده.
والثانية: الصلاة الجماعية التي يطلق عليها البعض اسم الصلاة الجمهورية، حيث يشترك فيها المصلي مع عدد من المؤمنين للصلاة والدعاء في بيت الله المخصص للعبادة والمعروف بالكنيسة، أو في مكان آخر مخصص للعبادة، إذ كثيراً ما كان يصلي المؤمنون الأوائل في المنازل. فالمؤمن يستطيع أن يُصلي في كل زمان ومكان. والجدير بالذكر أن بعض الكنائس المسيحية تستعمل كتباً خاصة للصلاة، تجمع فيها الطِلبات والاتبهالات والاعترافات، والتعاليم والتفاسير والأقوال المستمدة من الكتاب المقدس، كلمة الله، التي علمها المؤمنون من رجال الله الأمناء، خلال الأجيال المتعاقبة التي مرّت بها الكنيسة. وتعتبر هذه إذا استعلمت، مجرّد اختبارات روحية تتضمن تماذج من شهادات الإيمان، وه يتستعمل لمساعدة العابدين على جمع أفكارهم ووضعها بصورة متناسقة ومتوافقة. وتستعمل مثل هذه عادة في الصلاة الجمهورية. أما الصلوات الفردية، فتكون عادة مرتجلة أو محفوظة، يرفعها المؤمن بحرارة عندما يسكب نفسه أمام الله في الصلاة والدعاء. ولكل مؤمن الحرية أن يرفع تضرعاته إلى الله بحسب احيتاجاته وحسب تنوّع الظروف بالنسبة له.
أما بخصوص أوضاع العبادة، فليس هناك ما يفرض على المؤمن الركوع أو الجلوس. فليست هناك طريقة معينة أو ركعات محددة، ولا يطلب أو يُفرض عادة على الفرد المصلي أن يركع، مع العلم أن البعض يركع أو يقف خاشعاً كتعبير عن التذلّل والخضوع أو الخشوع لله. فالمهم في الصلاة أن يكون الإنسان في شركة روحية عميقة مع الله، وأن تنبع صلاته من قلب مؤمن خاشع.

+ كيف تُقام الصلاة عند المسيحيين، هل هناك ركعات معنية؟
الأولى: وهي الصلاة الفردية التي يسكب فيها المصلي نفسه أمام الله بالصلاة والدعاء منفرداً لوحده.
والثانية: الصلاة الجماعية التي يطلق عليها البعض اسم الصلاة الجمهورية، حيث يشترك فيها المصلي مع عدد من المؤمنين للصلاة والدعاء في بيت الله المخصص للعبادة والمعروف بالكنيسة، أو في مكان آخر مخصص للعبادة، إذ كثيراً ما كان يصلي المؤمنون الأوائل في المنازل. فالمؤمن يستطيع أن يُصلي في كل زمان ومكان. والجدير بالذكر أن بعض الكنائس المسيحية تستعمل كتباً خاصة للصلاة، تجمع فيها الطِلبات والاتبهالات والاعترافات، والتعاليم والتفاسير والأقوال المستمدة من الكتاب المقدس، كلمة الله، التي علمها المؤمنون من رجال الله الأمناء، خلال الأجيال المتعاقبة التي مرّت بها الكنيسة. وتعتبر هذه إذا استعلمت، مجرّد اختبارات روحية تتضمن تماذج من شهادات الإيمان، وه يتستعمل لمساعدة العابدين على جمع أفكارهم ووضعها بصورة متناسقة ومتوافقة. وتستعمل مثل هذه عادة في الصلاة الجمهورية. أما الصلوات الفردية، فتكون عادة مرتجلة أو محفوظة، يرفعها المؤمن بحرارة عندما يسكب نفسه أمام الله في الصلاة والدعاء. ولكل مؤمن الحرية أن يرفع تضرعاته إلى الله بحسب احيتاجاته وحسب تنوّع الظروف بالنسبة له.
أما بخصوص أوضاع العبادة، فليس هناك ما يفرض على المؤمن الركوع أو الجلوس. فليست هناك طريقة معينة أو ركعات محددة، ولا يطلب أو يُفرض عادة على الفرد المصلي أن يركع، مع العلم أن البعض يركع أو يقف خاشعاً كتعبير عن التذلّل والخضوع أو الخشوع لله. فالمهم في الصلاة أن يكون الإنسان في شركة روحية عميقة مع الله، وأن تنبع صلاته من قلب مؤمن خاشع.

+ هل من أوقات معينة للصلاة عند المسيحيين، كأن يصلي الإنسان أربع أو خمس مرات في اليوم؟
في الواقع، أن الكتاب المقدس لا يحدّد أوقاتاً معينة للصلاة، فالإنسان المصلي يستطيع أن يصلي في كل زمان ومكان. ومن المفروض أن يصلي الإنسان لأجل نفسه ولأجل الآخرين (يعقوب 5:16). لأجل الأقرباء والأصدقاء وحتى الأعداء (متى 5:44). ويجوز للإنسان المصلي أن يطلب من الله ما يحتاج إليه للجسد والنفس، على أن يطلب أولاً ملكوت الله وبرّه (متى 6:33). ومع أن الكتاب المقدس لا يحدد أوقاتاً معينة بالصلاة، إلا أنه يُستحسن حفظ أوقات معينة، إذ كان المؤمنون في العهد القديم ورسل المسيح أيضاً يصلّون عند الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة من النهار، وعند بداية الليل، وعند تناول الطعام (مزمور 55:17 ودانيال 6:10 ولوقا 18:1 وأعمال 3:1 و10:3 و9 و30 و1تيموثاوس 4:3-4). وهناك من يصلي صبحاً وظهراً ومساءً وعند تناول الطعام وبعده، بالإضافة إلى الصلاة الجمهورية التي تقام في بيوت العبادة في أوقات معينة، مثل أيام الآحاد والأعياد الدينية. كما أن الكنيسة المسيحية على مرّ العصور رتّبت أوقاتاً خاصة للصلاة بالنسبة إلى الطقوس الكنسية المختلفة. ويعملنا الكتاب المقدس أنه على المؤمنين أن يصلّوا دائماً فيقول: "صلوا بلا انقطاع" (1تسالونيكي 5:17). ويقول أيضاً: "واظبوا على الصلاة والطلبة" (أعمال 1:14). ويقول السيد المسيح: ".. ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يُمل" (لوقا 18:1) فعلى المؤمن أن تكون حياته حياة صلاة.

+ هل يمكن إيضاح كيفية الوضوء قبل الصلاة عند المسيحيين؟
إن التعاليم المسيحية لا تفرض على الإنسان المصلي أن يتوضأ أو يغتسل قبل الصلاة بأية طريقة. لأن المسيح يريد قلوباً نظيفة أفكاراً نقيّة تتجه إلى الله بإيمان وبروح الصلاة. لذلك يمكن أن يصلي الإنسان في عمله وفي بيته وفي مدرسته أو في أي مكان آخر دون أن يفرض عليه الاغتسال قبل الصلاة. وكما ذكرنا، المه في الأمر هو الاختلاء بالله والشركة معه بغضّ النظر عن الزمان أو المكان. كما أنه ليس من الضروري الاغتسال قبل الصلاة، لأن الله يريد قلب المصلي وفكره أن يكونا نظيفين.

+ هل هناك أمور تنجّس الإنسان المصلي وتبطل مفعول صلاته؟
إن الإنجيل المقدس لا يذكر شيئاً يبطل مفعول الصلاة الصادقة الخارجة من قلب المؤمن. والاعتقاد السائد، أنه لا يوجد سوى الشيطان والأفكار الشريرة ومخالفة الإنسان لشرائع الله. كل هذه وما شابهها، تسيطر على الإنسان وتحاول أن تبعده عن محور صلاته، وبخلاف ذلك، فإن الإنسان المصلي يستطيع أن يؤدّي صلاته الانفرادية في كل زمان ومكان وفي كافة الظروف والأحوال.

+ هل هناك شروط خاصة بالصلاة؟
لا يوجد شروط خاصة بالصلاة، سوى أن تكون الصلاة حقيقية نابعة من القلب، والتي يسميها الكتاب المقدس "صلاة الإيمان". كما يُطلب من المسيحي أن يرفع صلاته باسم المسيح، لأن المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس كما يقول الكتاب المقدس "لأنه يوجد إله واحد، ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح" (1تيموثاوس 2:5). وقد خاطب المسيح تلاميذه قائلاً: "مهما سألتم باسمي فذلك أفعه" (يوحنا 14:13).وقد حدّد الرسول يوحنا شروط الصلاة عند المسيحيين حين قال: "هذه هي الثقة التي لنا عنده، أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا" (1يوحنا 5:14). وهكذا، فكل ما نطلبه من الله بالإيمان يُستجاب لنا، شرط أن لا تتضمن صلاتنا إيذاء أو مضرّة الآخرين. فلنرفع صلاتنا إلى الله في الضيق والفرح وفي الحزن، ونكون دائماً في شركة روحية مع الله، وبهذا نتأكد أن الله يكون معنا دائماً.

+ من هم الحواريون، ولماذا سمّوا بهذا الإسم؟
إن الحواريين هم تلاميذ السيد المسيح ورسله الأوائل، الذي دعاهم واختارهم لاتّباعه، فلبّوا الدعوة وساروا معه ورافقوه طيلة أيام كرازته على الأرض. ثم تابعوا رسالته بعد موته وقيامته، فحملوا مشعل الهداية وجالوا مبشّرين بالإنجيل للخليقة كلها.
لقد نفّوا إرادة سيّدهم، فذهبوا من مكان لآخر، مبشّرين بكلمة الله ومحبته وفدائه الذي أعدّه المسيح يسوع. وكان ذلك بناء على وصية المسيح القائلة: "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن" (مرقس 16:15-16). فتلاميذ المسيح إذاً هو الحواريون.

+ ولماذا سمّي تلاميذ المسيح ورسله بالحواريين؟
لقد سمّوا بالحواريين، نظراً لصفاء قلوبهم ونقاء سريرتهم. والمعروف أن كلمة حواري بحدّ ذاتها تعني باللغة العربية "الناصح" أو "المرشد" أو "أبيض القلب".
وبما أن تلاميذ المسيح كانوا يتّصفون بهذه الصفات فلذلك سُمّوا بالحواريين.

+ هل أنزل الله الإنجيل المقدس على المسيح إنزالاً، أم أن السيد المسيح هو كاتب الإنجيل؟
إن الإنجيل المقدس لم ينزل مكتوباً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. فالإنجيل المقدس كتب بواسطة رجال الله القديسين، أي تلاميذ يسوع المسيح ورسله الأبرار. أنهم كتبوا مقاصد الله وتعاليمه تماماً كما أوحي إليهم من الله أن يكتبوا. ويقول الكتاب المقدس: "لأنه لم تأت نبوة فقط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 1:21). ويقول أيضاً: "كل الكتاب هو موحىً به من الله، ونافع للتعليم والموبيخ للتقويم والتأديب الذي في البرّ، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 3:16 و17). وهكذا نرى أن الإنجيل المقدس كتبه رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس، ولم يُنزل إنزالاً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. ولكن الإنجيل المقدس كله يدور حول شخصية المسيح وتعاليمه وخلاصه وفدائه.

+ ما معنى كلمة رسول، ومن هم الرسل الأوائل، كم كان عددهم وكيف تمّ اختيارهم؟
إن كلمة رسول بحدّ ذاتها تعني الشخص الذي يُرسل لغرض معين. فإذا أرسلت رسالة مع شخص إلى شخص آخر، فحامل الرسالة هو الرسول. وبالمعنى الروحي، الرسل هم أناس أرسلهم الله لإيصال رسالته إلى بني البشر.

+ هل كان الرسل بشراُ مثلنا، أم أنهم كانوا يتمتعون بصفات إلهية؟
لم يتمتّع الرسل بصفات إلهية، بل كانوا بشراً، مثلي ومثلك. ولكن الله اختارهم لخدمته، واستخدمهم لنشر رسالة الخلاص بين الناس، تماماً كما يستخدم أي إنسان آخر لخدمته في هذه الأيام.

+ هل نستطيع معرفة عدد الرسل، أي رسل المسيح الأوائل وما أسماؤهم؟
يشير الكتاب المقدس إلى أن عدد الرسل الأوائل كان اثني عشر رسولاً أو تلميذاً، فيقول: "وأما أسماء الاثني عشر رسولاً فهي هذه: الأول سمعان الذي يُقال له بطرس، وأندراوس أخوه، يعقوب ابن زبدى، ويوحنا أخوه، فيلبس وبرثلماوس، توما ومتى العشار، يعقوب بن حلفي ولباوس الملقّب تدّواس.‎، سمعان القانوني ويهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه" (متى 10:2-4). هذه أسماء الاثني عشر رسولاً الذين اختارهم يسوع لحمل رسالته والكرازة بها للعالم أجمع.

+ ذُكر أن عدد رسل المسيح الأوائل كان اثني عشر تلميذاً أو رسولاً، فهل هناك سبب خاص دعا المسيح لاختيار اثني عشر تلميذاّ فقط؟
إن سبب اختيار الاثني عشر تلميذاً أو رسولاً، هو أنه عندما تجمّع اليهود لأول مرة في أمة واحدة في العهد القديم، كانت تلك الأمة مكوّنة من اثني عشر سبطاً. ولما دعا المسيح اثني عشر رسولاً من هذه الأمة، أوصاهم أن يذهبوا إلى الأمة كلها، أي إلى أمة بني إسرائيل الضالة لهدايتها.

+ ولكن واحداً من الرسل خان سيّده وأسلمه ولم يعد رسولاً فيما بعد، هو يهوذا الإسخريوطين وبذلك أصبح عدد الرسل أحد عشر رسولاً وليس اثني عشر، أليس كذلك؟
نعم، ولكن بعد خيانة يهوذا، لم يبْقَ عدد التلاميذ أحد عشر تلميذاً، لأن التلاميذ اجتمعوا واختاروا رسولاً آخر بدل يهوذا هو "متياس". وبذلك أصبح عدد الرسل ثانية اثني عشر.

+ هل اقتصر عدد الرسل على اثني عشر رسولاً؟
بالطبع لا، فبالإضافة إلى الاثني عشر، أصبح عدد الرسل فيما بعد سبعين رسولاً، ثم سبعمئة ثم غيرهم. وقد حمل هؤلاء رسالة المسيح إلى العالم أجمع، وجالوا مبشّرين بالكلمة من أقصى الأرض إلى أقصاها.

+ لماذا اختار المسيح تلاميذه من عامة الشعب؟ هل لأنهم كانوا يحملون شهادات علمية أو مؤهلات خاصة تؤهلهم للتلمذة؟
لم يختر المسيح تلاميذه لأنهم كانوا يحملون مؤهلات أو شهادات علمية تؤهلهم للتلمذة، رغم أن بعضهم كان متعلماً. فعندما دعاهم الرب، كان بعضهم صيادي سمك مثل سمعان بطرس، وأندراوس، ويعقوب بن زبدي ويوحنا أخاه. أما متّى فكان عشاراً وهكذا. فعندما رأى يسوع سمعان بطرس وأندراوس يلقيان شباكهما في البحر "قال لهما: هلمّ ورائي فأجعلكما صيّادي الناس" (أي كارزين بالكلمة) (‎متى 4:19). فللوقت تركا الشباك وتبعاه. وهكذا نرى أن الخدمة لا تقتصر على أصحاب الشهادات وذوي المؤهلات، بل كان واحد يمكن أن يكون تلميذاً وخادماً للمسيح. ولا شك أن المسيح اختار تلاميذه من عامة الشعب، لنأخذ منهم العبرة أن غير المتعلّم يصلح للخدمة أيضاً.

+ طالما أن كل فرد يستطيع أن يكون تلميذاً للمسيح وخادماً لملكوته، فلماذا سُمي خدام الإنجيل في عصرنا الحاضر رسلاً؟
لا شك أن كل من يخدم الله ويحمل رسالة المسيح هو تلميذ للمسيح، رغم أنه لا يسمى رسولاً في الوقت الحاضر. وذلك يرجع إلى أن الرسول كان لا يسمى رسولاً، إلا إذا عاصر المسيح أو رآه بعينيه. ومن المُلاحظ أنه يُشار عادة إلى القرن الأول للميلاد بأنه "عصر الرسل"، وذلك لأن تلاميذ يسوع والكارزين باسمه في ذلك العصر عاصروا المسيح أو رأوه وقد دعي بولس الرسول لأنه رأى الرب أيضاً عند اهتدائه على طريق دمشق. فنقرأ في رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس: "ألست أنا رسولاً، ألست أنا حراً، أما رأيت يسوع المسيح ربنا؟" (1كورنثوس 9:1). ونستطيع أن نقول إن عصر الرسل انتهى بموت الرسل.

+ لاحظنا مما تقدم، أن المسيح اختار أولاً اثني عشر تلميذاً ليعلموا بين اليهود ويبشّروهم ويبعدوهم عن ضلالهم، فهل بقيت رسالة المسيح آنذاك مقتصرة على اليهود؟
كلا، لم يقتصر عمل الرسل على اليهود فحسب، بل تعدّاه إلى جميع الناس بحسب قول المسيح لهم: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (متى 28:19-20). وقوله أيضاً: "اذهبوا إلى العالم أجمع، وأكرموا بالإنجيل للخليقة كلها. من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يُدن" (مرقس 16:15-16). لقد كان المسيح نوراً للأمم، كما ورد عنه في نبوة إشعياء: "أنا الرب قد دعوتك بالبر فأمسك بيدك وأحفظك وأجعلك عهداً للشعب ونوراً للأمم" (إشعياء 42:6). وأيضاً كما قال المسيح عن نفسه: "أنا نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" (يوحنا 8:12). جاء المسيح لخلاص الناس من الخطية الشر، وقد حمل الرسل رسالة المسيح إلى العالم أجمع، فآمن كثيرون بفضل عملهم وكرازتهم. وكما شهد الرسل للمسيح، يستطيع كل واحد فينا أن يشهد له أيضاً في حياته ومجتمعه.

+ هل أنزل الله الإنجيل المقدس على المسيح إنزالاً، أم أن السيد المسيح هو كاتب الإنجيل؟
إن الإنجيل المقدس لم ينزل مكتوباً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. فالإنجيل المقدس كتب بواسطة رجال الله القديسين، أي تلاميذ يسوع المسيح ورسله الأبرار. أنهم كتبوا مقاصد الله وتعاليمه تماماً كما أوحي إليهم من الله أن يكتبوا. ويقول الكتاب المقدس: "لأنه لم تأت نبوة فقط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 1:21). ويقول أيضاً: "كل الكتاب هو موحىً به من الله، ونافع للتعليم والموبيخ للتقويم والتأديب الذي في البرّ، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 3:16 و17). وهكذا نرى أن الإنجيل المقدس كتبه رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس، ولم يُنزل إنزالاً كما يعتقد البعض، كما أن المسيح لم يكتبه. ولكن الإنجيل المقدس كله يدور حول شخصية المسيح وتعاليمه وخلاصه وفدائه.

+ هل الكتاب المقدس الذي يؤمن به المسيحيون قد حُرِّف أم لا؟
قبل الإجابة على السؤال، لا بدّ من الإشارة إلى أنه سؤال هام جداً لكونه يتعلّق بالتشكيك بصفحة الكتاب المقدس وتحريفه. والمعروف أن الكتاب المقدس هو كتاب الوحي الذي يتضمن كلام الله ودستوره وتعليمه للبشر. وهو يُتعبر الأساس الذي ترتكز عليه العقيدة الأساسية للديانة المسيحية. والكتاب المقدس يُعتبر كتاب الكتب بالنسبة للمسيحيين، لأنه يحتوي على كلام الله وتعاليمه وشرائعه التي أوحى بها الله إلى رجاله القديسين. وهو مصدر الإيمان بالنسبة للدين المسيحي، ويخبرنا عن محبة الله ورحمته وفدائه للناس بواسطة المسيح المخلص. وإن كل ما جاء فيه يعرض مقاصد الله وتعاليمه بكل أمانة وإخلاص. فكل ما جاء فيه كان بإرشاد روح الله القدوس. وأن الله سبحانه وتعالى يُثبت مدى صحة هذا الكتاب بقوله: "كل الكتاب موحى به من الله، ونافع للتعليم والتوبيخ، للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان لله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح" (2تيموثاوس 3:16 و17).

+ طالما أن الكتاب المقدس يحتوي على كلام الله، وكل ما جاء فيه كان بإرشاد الروح القدس، وطالما أن الإيمان المسيحي مستمدّ منه، فهل صحيح ما يروّجه البعض بأن الكتاب المقدس قد حُرِّف مرّ السنين؟
في الواقع، أن ما يُطلق أحياناً على لسان البعض أن الكتاب المقدس كان عُرضة للتحريف والتغيير على مرّ السنين، هو ليس أكثر من مجرّد افتراء أو ادّعاء باطل. فالكتاب المقدس هو كلمة الله، ومن يجرؤ على تغيير أو تبديل كلام الله، وما الهدف من ذلك؟ ولو صحَّ ما يُقال، لكان إيمان المسيحيين المبنيّ على ما جاء في الكتاب المقدس هو تعليم باطل. ولكن الحمد لله أن ذلك لم يحصل ولن يحصل البتة، طالما أن الله سبحانه وتعالى مصدر الوحي وهو القادر أن يحفظه.

+ ما هو الدليل أو البرهان على أن الكتاب المقدس لم يُحرَّف، وأن ما يُقال بهذا الصدد هو مجرّد ادعاء؟
يوجد عدّة أدلة تحض الاتهام بأن الكتاب المقدس قد حُرّف منها:
1 - إن الكتاب المقدس موجود اليوم بين أيدينا، وعلى من يدّعي أن الكتاب مُحرّف أن يُبرز النسخة الأصلية غير المحرّفة بحسب اعتقاده، ولا وجود لذلك طبعاً.
2 - أن الادّعاء بتحريف الكتاب المقدس لم يبرز إلى الوجود إلا بعد عدة قرون من بداية المسيحية، وما يدحض هذا الادّعاء، هو وجود نسخ كاملة من الكتاب المقدس تعود إلى القرون الأولى للميلاد، أي قبل ظهر ادّعاءات المدّعين. وهذه النسخ محفوظة في المتاحف الشهيرة في أماكن مختلفة حول العالم، ويمكن الرجوع إلى هذه النسخ الأصلية التي سبقت الادّعاء بالتحريف لمقارنة الكتاب المقدس الحالي بتلك الكتب المقديمة، وكلها طبعاً متوافقة تدحض التحريف منها:
* نسخة بيزي المحفوظة في كمبردج: تحتوي على الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل، وقسم من رسالة يوحنا الأولى، يعود تاريخها إلى القرن الخامس أو السادس للميلاد.
* النسخة الأفرامية في بارس: تحتوي على العهدين القديم والجديد كاملين باليونانية القرن الخامس.
* النسخة الإسكندرية المحفوظة في المتحف البريطاني بلندن: العهدان القديم والجديد باليونانية سنة 325 للميلاد.
* نسخة واشنطن الأناجيل القرن الرابع أو الخامس
* النسخة الفاتيكانية المحفوظة بروما: العهدان القديم والجديد باليونانية حوالي سنة 300 للميلاد.
* النسخة السينائية المحفوظة في المتحف البريطاني بلندن: العهدان القديم والجديد باليونانية مثل الفاتيكانية في القدم، بل ربما أقدم منها.
* بردية تشستربيتي المحفوظة في دبلين بإيرلندا: أحزاء من الأناجيل وسائر أسفار العهد الجديد. حوالي سنة 250 للميلاد.
* بردية بودكر المحفوظة في جنيف بسويسرا: فيها إنجيلا لوقا ويوحنا وبعض الرسائل حوالي سنة 200 للميلاد.
* بردية دون رينلد المحفوظة في مانشتر بانجلترا: فيها إنجيلا يوحنا وترجع إلى حوالي سنة 120 للميلاد.
3 - لا شك أنه بعد جمع أسفار الكتاب المقدس في كتاب واحد، صدر عنه نسخ عديدة توزعت في بلدان مختلفة. ومن يريد أن يحرّف الكتاب لما استطاع جمع كل النسخ الموجودة ليحرّفها. فإذا حُرّف بعضها، فلابد أن يكون البعض الآخر بدون تحريف، فأين تلك الكتب غير المحرّفة حسب زعمهم؟ أنها غير موجودة طبعاً.
4 - توافق ما جاء في الكتاب مع علم الآثار وتعاليم الأنبياء وكتابات آباء الكنيسة الأولى، التي تؤيّد بما جاء في التوراة والإنجيل ومنه ما يلي:
أ - القول الصريح الوارد في سورة المائدة 44: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبّيون".
ب - ما ورد في سورة المائدة 46: "وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقاً لما بين يديه من التوراة، وأتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقاً لما بين يديه من التوراة وهدى وموعظة للمتّقين".
ج - وأيضاً ما ورد في سورة المائدة 68: "قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أُنزل إليكم من ربكم".
"ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون" (العنكبوت 46). "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" (آل عمران 64). "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسىوعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون"(البقرة 136). "
وهذا طبعاً يعطي شهادة القرآن الكريم بصحة التوراة والإنجيل، ولو كان الكتاب المقدس محرّفاً لما جاءت مثل هذه الشهادة.



+ هل هناك شهادات أخرى تشير إلى صحة أو عدم تحريف الكتاب المقدس؟
هناك شهادتان أساسيتان هما: شهادة المؤمنين وشهادة الله.
1 - شهادة المؤمنين:
إن شهادة المؤمنين تبرز في إيمانهم الواحد بصحة ما جاء في الكتاب المقدس منذ بداية المسيحية حتى اليوم ومع أن المسيحية تنقسم إلى طوائف، فكل الطوائف مهما اختلفت في تفسير آيات الكتاب تؤمن بصحة ما جاء فيه، وبالأخص إيمانهم بالسيد المسيح أنه الإله الذي ظهر في الجسد، وأنه وُلد ولم يُخلق، وأنه عمل الآيات والمعجزات مثل شفاء المرضى وإقامة الموتى وغيرها، وأخيراً صلبه عِوضاً عن الإنسان الخاطيء، وقيامته من الأموات لأجل تبرير الخطاة، وأنه صعد إلى السماء. فكل هذه الحقائق تؤمن بها جميع الطوائف المسيحية ولا خلاف حولها البتة، وهذا هو جوهر تعاليم الإنجيل.
2 - شهادة الله:
تأتي شهادة الله في وصاياه وأقواله. فقد أوصى الله المؤمنين على مرّ العصور بأن كلامه الموحى به نافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتأديب. فأوصى المؤمنين قائلاً:
ا - "لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به، ولا تنقصوا منه، لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها" (سفر التثنية 4:2).
ب - وقوله أيضاًك "كل الكلام الذي أوصيكم به، احرصوا لتعلموه، لا تزد عليه، ولا تنقص منه" (تثنية 12:32).
ت - وقوله أيضاً: "لم تأتِ نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أُناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 1:21).
ث - وقل السيد المسيح: "فإني أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل" (متى 5:18).
ج - وأخيراً تحذير الله لكل من يزيد على الكتاب المقدس أو ينقص منه بقوله: "لأني أشهد لكل من يسمع أوقال نبوة هذا الكتاب. إن كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. إن كان أحد يجذف من أقوال هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب في هذا الكتاب" (رؤيا 22:18-19).


+ فبعد كل هذه التوصيات والتحذيرات الصارمة من الله، هل يتجرأ أحد من المؤمنين على تحريف كلام الله؟
فالمؤمنون لا يجرؤون على تحريف الكتاب المقدس. أما غير المؤمنين فيتعذّر عليهم جمع الألوف من نسخه المنتشرة في العالم ليعبثوا بها ويزوروها. وعلى هذا الأساس، فإن الادّعاء بأن الكتاب المقدس كتا ب مُحرّف، هو ادّعاء باطل لا أساس له، ومن لا يؤمن بذلك عليه أن يثبت العكس لتقبل حجّته.

+ هل صحيح أن الدين هو أفيون الشعوب وأنه لا وجود لله، وما دور الدين في الحياة العملية؟
لا شك أن الإجابة على هذا السؤال صعبة للغاية إذا أردنا أن نثبت بالحجة والبرهان والاختبار أن الله موجود. ولا شك أن الأديان كافة ترتكز على وجود الله. وللإجابة على هذا السؤال بتفصيل واسع، لابدّ من الدخول في علم الفلسفة والماورائيات، كما أنه لابدّ من التعرّض لأفكار بعض الفلاسفة الملحدين الذين نادوا بمثل هذه الفلسفة، بأن الدين هو أفيون الشعوب، وأن الله غير موجود. وأن مجرّد التفكير بوجود الله هو نوع من السذاجة. وبما أنه ليس من أهدافنا التعرّض لأحد في عقيدته أو التهجّم عليه، نرى أنه لزاماً علينا أن نحاول الإجابة على السؤال بطريقة موضوعية إيجابية، ومن مبدأ احترام آراء الغير وعقائدهم.
وللإجابة على هذا القسم من السؤال، كان لابد من الرجوع إلى أحد الآراء، وهو رأي الدكتور مصطفى الرافعي المدوّن في كتابه "الإسلام ومشكلات العصر" الصادر عن دار الكتاب اللبناني في بيروت سنة 1972، حيث يقول الدكتور الرافعي بهذا الصدد: "إن أهمّ المبادئ والآراء العامة التي جاء بها ماركس وأتباعه هي الدعوة إلى الإلحاد. فقد قال ماركس: "إن الدين هو حسرة المخلوق المضطهد، إنه روح عالم بلا قلب، ولبّ الجمود اللاروحي وأنه أفيون الشعوب". وقال لينين: "إن كل فكرة دينية، وكل فكرة عن الله، بل حتى مجرد التفكير بجود الله إنما هي حقارة لا تُطاق ولا تحتمل. إنها حقارة من أخطر الأنواع ووباء مُعدٍ من أشد الأنواع خطراً. ويضيف أن الدين الذي هو أفيون الشعوب، إنما هو نوع من الخمرة الروحية يغرق فيها عبيد الرأسمالية أنانيتهم ومطلبهم في حاية كريمة". ويتاب
ع الدكتور الرافعي قوله، إن أصل الفلسفة الإلحادية مبني على المادة، وأن المادة هي الكون والحياة والإنسان، وأنه لا يوجد شيء وراء المادة، فالمادة هي واجبة الجود. وعلى هذا، فإن كلمة مخلوق تعبير ذو معنى وهمي، وكذلك كلمة خالق تعبير وهمي لا صلة له بالحقيقة وهذا ما جاء على لسان الدكتور مصطفى الرافعي عن الفلسفة الإلحادية بالنسبة للدين ولوجود الله.

+ ما رأيكم في الفلسفة التي تنكر وجود الله وتقول إن الدين هو أفيون الشعوب؟
إن رأي العلماء والفلاسفة غير الملحدين لا يتفق طبعاً مع أراء الفلاسفة الملحدين. فالفلسفة الإلحادية تقول بأن المادة أساس كل شيء، ولا تقبل بأي شيء غير محسوس أو ملموس. أما رأي الفلاسفة غير الملحدين فمبني على أنه لا يمكن إخضاع كل شيء في الوجود لقواعد العلم التجريبي، لأن من الثابت أنه يوجد أشياء وراء المادة يطلق عليها اسم "الماورائيات" أو الميتافيزيقا وهذه طبعاً لا تخضع للتجارب في المعمل أو أنبوب الاختبار. والله سبحانه وتعالى من فوق مستوى المادة. ويتفق في ذلك الفيلسوفان الشهيران ديكارت وبسكال. يقول ديكارت: "إنني موجود فمن أوجدني ومن خلقني؟ إنني لم أخلق نفسي فلا بدّ من خالق، وهذا الخالق لا بدّ أن يكون واجب الوجود وهو الله باريء كل شيء".
وتصف الكتب المقدسة الله بأنه روح. كما أن الكتب المقدسة السماوية تشير إلى أن الله هو الإله الخالق، القادر على كل شيء والعالِم بكل شيء. والموجود في كل زمان ومكان. والجدير بالذكر أن بعض الأشخاص حاولوا إنكار وجود الله حتى في الأزمنة القديمة على أيام موسى النبي وداود، ولذلك ورد في أحد المزامير الآية القائلة: "قال الجاهل في قلبه ليس إله" (مزمور 14:1). والجدير بالذكر أيضاً أن جميع المؤمنين بالأديان السماوية والذين يسيرون على هدى الكتب المقدسة لا يتفقون إطلاقاً مع الفلسفة الإلحادية التي تنادي بأن الدين هو أفيون الشعوب. بل على العكس، إن الدين بالنسبة للعقيدة المسيحية هو علاقة الإنسان بالله الخالق، والسير حسب شرائعه ووصاياه كما هي واردة في كتابه المقدس. الدين هو النور الفيّاض الذي ينير للإنسان سبيل حياته ويرشده إلى معرفة صلته بالله الخالق وبإخوانه بني الإنسان. فالدين بالنسبة للعقيدة المسيحية ضروري للإنسان في تعالمه مع الآخرين. فهو يحثّ على المحبة والإخاء، والمسامحة والغفران ونكران الذات والعطاء، والصدق والأمانة والإخلاص واحترام حقوق الغير. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السيد المسيح يحثّنا على محبة الآخرين كما أحبّنا هو. إذ إنه بواسطة المسيح أظهر الله محبته للناس. فجاء المسيح إلى العالم، وعاش حياة البشر ليقود الناس في سبيل الإيمان والحق، وليمنحهم الحياة بواسطة الإيمان به، فالدين بالنسبة للمفهوم المسيحي، هو طريق الحياة الفضلى. فبواسطة التعاليم الإلهية يدرك الإنسان بأن الله يحبّه وكيف يحبّ الله من كل قلبه ويحب قريبه كنفسه، فيحيا في سلام مع الله ومع إخوانه في المجتمع. الدين هو تعليم السماء الذي يحث الإنسان على أن يحب الجميع دون استثناء بغضّ النظر عن الجنس أو اللون أو المعتقد.

+ هل يتطوّر الدين إلى أني يتلاشى في النهاية، أم أنه يبقى إلى الأبد؟
المعروف أن الدين لا يتطور بتطور الزمن إلى أن يتلاشى في النهاية. لأن الدين بالنسبة للمؤمنين بالله، هو ارتباط روحيّ دائم بين الإنسان المخلوق والله الخالق. وتعريف الدين بحسب المفهوم المسيحي، أنه علاقة روحية بين الإنسان والله، يتأمل الإنسان فيها في محبة الله له، ويحاول أن يسير بحسب شرائعه وتعاليمه الواردة في الكتاب المقدس. والذين بحسب المفهوم العام هو النور الذي ينير للإنسان سبيل حياته، ويرشده إلى معرفة صلته بالله بإخوانه بني الإنسان.
صحيح أن أسلافنا القدماء عبدوا أشياء مختلفة في العصور الأولى، كالشمس والقمر والنجوم والتماثيل والحيوانات وغيرها، وذلك لأنهم كانوا يشعرون أن هنالك ألهاً مجهولاً أقوى من البشر وأرفع منهم. وبما أنهم لم يعرفوا شيئاً عن الإله الحقيقي آنذاك، كانوا ينقصون من شعائرهم حيناً، أو يضيفون إليها شعائر جديدة أحياناً أخرى. وهذا ما أدى إلى تطوّر ديانتهم. فكانوا يغيّرون آلهتهم كلما تعرّفوا على إله جديد، اعتقدوا أنه أقوى وأفضل. وهذا ما كان يفعله الأثينيون قديماً إذ إنهم كانوا يعبدون إلهاً يُعرف "بالإله المجهول" وبنوا له هيكلاً على تلة اسمها أريوس باغوس في أثينا. وعندما ذهب إليهم بولس الرسول ليبشرهم قال لهم: "أيها الرجال الأثينيون أراكم من كل وجه كأنكم متديّنون كثيراً. لأنني بينما كنت اجتاز وأنظر إلى معبوداتكم وجدت أيضاً مذبحاً مكتوباً عليه لإله مجهول. فالذي تتقونه وأنتم تجهلونه هذا أنا أنادي لكم به. الإله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا إذ هو ربّ السماء والأرض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالأيادي. ولا يُخدم بأيادي الناس كأنه محتاج إلى شيء إذ هو يعطي الجميع حياةً ونفساً وكل شيء" (أعمال 17:22-25).
أما بالنسبة لنا فإننا نشكر الله، الإله الحقيقي الذي أظهر لنا ذاته، وزوّدنا بالتعاليم السماوية السامية المدوّنة في كتابه المقدس، وأرسل لنا أنبياءه ورسله لإرشادنا، وأخيراً أرسل المخلص يسوع المسيح، ليموت عن الخطاة على الصليب وليهبهم الحياة الأبدية. فالديانة المسيحية المبنية على التعاليم الإلهية الواردة في الكتاب المقدس، هي ديانة سماوية تصلح لكل مكان وزمان. وكتابنا المقدس يبيّن لنا ذلك حيث جاء فيه: "إن كان أحد يزيد على هذا (أي على ما ورد في كتاب الله) يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة يحذف الله نصيبه من سفر الحياة" (رؤيا 22:18-19).


+ لماذا تعتقد أن الدين لا يتطور مع الزمن ولا يتلاشى؟
لقد تطوّر الدين في الأزمنة القديمة، قبل أن يعرف الناس الإله الحقيقي، خالق السماء والأرض، فعبدوا الأشياء المختلفة، إلى أن تعرّفوا على الإله الحقيقي. ونستطيع أن تقول الشيء نفسه حالياً، إن الدين يتطور بالنسبة لبعض الديانات التي لم تتعرف على "الإله الحقيقي". أما بالنسبة للديانات السماوية فالوضع يختلف.

لماذا يختلف الوضع بالنسبة لنا، ولا مجال للدين ليتطور؟
لأننا تعرّفنا على الإله الحقيقي بواسطة إظهار ذاته لنا ولأن دستور السماء بين أيدينا مدوّن على صفحات الكتاب المقدس، فيمكننا أن نرجع إليه في كل إشكال يحدث معنا. وبما أن الكتاب المقدس مفتوح بين أيدينا ونجد فيه كل حقوقنا وواجباتنا تجاه الله وتجاه إخواننا بني الإنسان، فلا يمكن للدين أن يتغيّر أو يتبدّل. هذا بالإضافة إلى أن الإنسان مخلوق ضعيف ينظر دائماً إلى مصدر القوة اللامحدودة ليستمد منها قوته. لذلك لا يمكن للإنسان أن يقطع صلته بالله الإله الوحيد الذي يهب بركات الحياة والذي فيه رجاء الحياة الأبدية، وإن الدين هو الجسر الذي يصل الإنسان بخالقه، فلا يمكن لهذا الجسر أن يزول أو يتلاشى ما دام الإنسان موجوداً أيضاً. بل على العكس، كلما تفهّم الإنسان نفسه وحياته وطبيعته الخاطئة كلما شعر بضرورة التقرّب إلى الله خالقه.



تعليقات
There is no comments yet

 شارك بتعليق 

أضف تعليق
.الرجاء كتابة تعليقك هنا ببشكل واضح وسليم، تعليقك سوف ينشر مباشرة
أي تعلقات يوجد بها سب وقذف سوف تحذف فوراً